"وعادت ليالي الأبطال" .. ثلاثة أشهر أو أكثر بقليل مرت منذ نهائي أسطنبول وتتويج مانشستر سيتي بلقبه الأول في دوري أبطال أوروبا على حساب إنتر، لتعود البطولة مساء الثلاثاء والأربعاء 19 و20 سبتمبر بمجموعة من القمم كما عودتنا ضمن الجولة الأولى للمجموعات لموسم 2023-2024، الأخير بالشكل الحالي للمسابقة قبل التطوير المرتقب.
أسفرت القرعة عن مواجهات من العيار الثقيل، مجموعة تضم الرباعي بي إس جي، ميلان، نيوكاسل، ودورتموند، وبايرن ضد مانشستر يونايتد، وريال مدريد يصطدم بحامل لقب السيري آ نابولي، ولكن من يدخل بطولة هذا الموسم كمرشح فوق العادة للقب؟
نحاول في هذا الموضوع تسليط الضوء على أبرز المرشحين لذات الأذنين بالموسم الجاري، ما بين "مرشح فوق العادة"، و"مرشحون أقوياء"، و"غير مستبعدين من دائرة اللقب"، و"الحصان الأسود".
"مرشح فوق العادة"
هو فريق واحد يأتي على رأس الهرم الغذائي للأبطال هذا الموسم، حامل اللقب وبطل الثلاثية مانشستر سيتي.
كسر مواطنو مانشستر أخيراً عناد الأميرة الأوروبية الموسم الماضي وحققوا لقبهم الأول، ولكن هذا الفريق لن يتوقف عند إنجازات الموسم المنصرم.
فريق بيب جوارديولا دعم صفوفه بقوة بضم جيريمي دوكو، ماتيوس نونيس، ماتيو كوفاشيتش، ويوشكو جفارديول، ليصبح أكثر اكتمالاً عما كان، وفي ظل الاستقرار الكبير فنياً والتطور المستمر للفريق دوماً مع مدربه الكتالوني، بالتأكيد لا أحد ينافسه على الأفضلية المطلقة لإعادة إنجاز الموسم الماضي، ليس فقط بتحقيق ذات الأذنين، ولكن حصد الثلاثية ولما لا الرباعية هذه المرة.
"مرشحون أقوياء"
إذا كان سيتي هو المرشح فوق العادة للقب، فذلك لكونه يستحق فئة خاصة لا ينافسه فيها أحد، والفئة التالية تضم أبرز المرشحين للقب بعده.
في تلك الخانة نجد ريال مدريد الباحث عن الخامسة عشر، البعض قد يقول إن تشكيل الملكي الحالي لا يؤهله لمقارعة بقية الكبار، خصوصاً في غياب رأس حربة يليق بمكانته عقب رحيل كريم بنزيما وعدم ضم كيليان مبابي والإصابات طويلة الأمد التي ضربت خطه الخلفي، ولكن التاريخ علمنا أن دوري الأبطال هو لعبة هذا النادي مهما كانت الظروف والمعطيات، وفريق فلورنتينو بيريز لا يشارك أبداً في المسابقة القارية للذهاب لأبعد مدى، ولكن لرفع الكأس.
ويتواجد في هذه الخانة أيضاً بايرن ميونخ، عملاق آخر تخصص في هذه البطولة، ومع وصول هاري كين يملك "إف سي هوليوود" سلاحاً إضافياً مهماً سيساعد كثيراً المدير الفني الخبير في تلك البطولة توماس توخيل في محاولته لبلوغ نهائي ثالث في أقل من خمس سنوات.
قد لا تكون بداية موسم بايرن مبشرة، والفريق باستثناء ضم كين وكيم مين جاي لم يدعم صفوفه بالشكل المناسب ويعاني في حراسة المرمى بسبب استمرار إصابة مانويل نوير، ولكن حاله كحال مدريد، يتحول بايرن مع سماع نشيد الأبطال ويظهر شخصية مغايرة كما كان الحال الموسم الماضي عندما كان يعاني محلياً مع يوليان ناجلسمان ولكن لم يواجه متاعب في جمع علامة كاملة أمام إنتر وبرشلونة، وأوقف قطاره فقط حامل اللقب سيتي.
"غير مستبعدين من دائرة اللقب"
تعد تلك المجموعة الأكثر خداعاً، إذ على الورق يملك أنديتها المقومات من أجل المنافسة والذهاب بعيداً في البطولة، ولكن كل فريق من هؤلاء يملك ظرفه الذي قد يعطله عن تحقيق الحلم.
حقق إنتر المستحيل الموسم الماضي ببلوغ نهائي دوري الأبطال بعد غياب منذ 2010، ورغم الطريق السهل نوعاً ما مقارنة بخصمه في إسطنبول، ولكن النيراتزوري ومدربه سيموني إنزاجي أثبتوا ضد سيتي أنهم فريق قوي قارياً قادر على مقارعة أعتى فرقها.
بداية إنتر للموسم المثالية بتحقيق أربعة انتصارات من أربع مباريات، منها اكتساح جديد لميلان هذه المرة بالخماسية، تؤكد نضج الفريق وقدرته على تكرار مشواره المميز قارياً، ولكن التركيز الأساسي للفريق سيكون هو الدوري وتحقيق اللقب العشرين والنجمة الثانية، ولكن ذلك لا يمنع محاولة تكرار الإنجاز القاري والذهاب لأبعد مدى، خصوصاً في ظل تدعيم الفريق بشكل جيد في كل المراكز تقريباً بالميركاتو الصيفي.
"غير مستبعدين من دائرة اللقب"
يتواجد مع إنتر في تلك الفئة أيضاً آرسنال، نعم يعود المدفعجية بعد طول غياب لدوري الأبطال، ولكن فريق ميكيل أرتيتا أظهر في سنة ونصف تطوراً مثيراً للاهتمام.
نجح الفريق في مقارعة مانشستر سيتي الموسم الماضي بمعظم فتراته، وخسر لقب البريميرليج بفوارق بسيطة، وهذا الموسم يبدو أنه عازم على تكرار نفس الأمر، خصوصاً بعد أن زرع المدير الفني الباسكي روحاً انتصارية غابت كثيراً مؤخراً عن العملاق اللندني النائم، وتلك العوامل ستلعب دوراً كبيراً في أن يكون لاعباً رئيسياً في البطولة هذا الموسم مباشرة بعد عودته، إذ لا يوجد العديد من الفرق تتفوق عليه فنياً، ولكن ما قد يعطله هو تركيزه بشكل أكبر على تحقيق لقب الدوري وكسر هيمنة سيتي، الأمر الذي قد يستنزف منه الكثير في ظل شدة المنافسة في إنجلترا.
ويتواجد فريق ثالث بتلك الفئة، برشلونة حامل لقب الليجا، وإن كان فريق تشافي لم يقنع كثيراً الموسم الماضي قارياً بالوداع من المجموعات للعام الثاني على التوالي، ثم خروج مبكر من الدوري الأوروبي أمام مانشستر يونايتد.
دعم برشلونة صفوفه بشكل طيب رغم الصعوبات المالية، فضم إلكاي جوندوجان وجواو فيليكس وجواو كانسيلو، ليسد النقص في صفوفه، ولكن ستبقى علامات الاستفهام على قدرات وخبرات مديره الفني الشاب بعد تجربته الأولى غير الموفقة قارياً في أوروبا، والأداء غير التقليدي للعملاق الكتالوني معه في ظل الاعتماد على الواقعية والصلابة الدفاعية على حساب المتعة، وإن كانت المجموعة التي تضم بورتو، شاختار وأنتويرب فرصة لبناء الثقة من جديد، الأمر الذي إذا تحقق قد نرى البلوجرانا يعود لمقارعة الكبار.
وأخيراً، لا يمكن إهمال حظوظ بي إس جي القارية رغم خيبات وكوارث المواسم الماضية، والبداية البطيئة لمشروع لويس إنريكي في باريس.
يملك، كالعادة، الفريق الباريسي كل المقومات لتحقيق ذات الأذنين، وهذا الصيف نجح مجدداً في الحفاظ على مبابي رغم غموص مستقبله، وضم لصفوفه نجوماً جدد مثل عثمان ديمبيلي، جونسالو راموش، كولو مواني، ميلان شكرينيار، ومانويل أوجارتي، والأهم مدير فني خبير في البطولة في صورة إنريكي، ولكن تلك المقومات لم تكن أبداً العائق الذي منع النادي من تحقيق اللقب.
يحتاج باريس لكسر حاجزه النفسي مع البطولة، وله في مانستر سيتي مثال ناجح في الصبر وطول المشروع حتى النجاح، يملك باريس كل المقومات لتحقيق اللقب، ولكن يحتاج "لقفزة إيمان"، ومجموعته الصعبة بتواجد ميلان، نيوكاسل، وبوروسيا دورتموند قد تكون ما يحتاجه بالظبط للإيمان بنفسه وحظوظه، ولا مانع في بعض الحظ كذلك!
"الحصان الأسود"
نحاول في تلك الفئة توقع هوية الفريق الذي سيشكل المفاجأة السارة لدوري الأبطال الموسم الحالي بعد تألق بنفيكا ونابولي في العام الماضي.
ويعد بنفيكا مرشحاً لتكرار ما قدمه الموسم الماضي ببلوغ ربع النهائي وتصدر مجموعته على حساب باريس، إذ يلعب في مجموعة متوازنة تضم إنتر، ريال سوسييداد وسالزبورج، ودعمه لصفوفه بإعادة أنخيل دي ماريا وضم الحارس المميز أليكسي تروبين قد يمهد لظهور آخر جيد.
كاتب هذه السطور يراهن على لايبسيتش الألماني لتحقيق مفاجأة والذهاب بعيداً إذا خدمته الظروف، إذ يقع في مجموعة في المتناول للعبور للدور التالي بوجود يونج بويز وسرفينا سفيزدا مع سيتي، وتطور فريق ماركو روزي مستمر من الموسم المنصرم، فريق يلعب كرة عصرية ولا يهاب الكبار، ورغم خسارة جفارديول وكريستوفر نكونكو، ولكن حافظ على داني أولمو، وضم له الرباعي المثير للاهتمام فابيو كارفاليو من ليفربول، والهداف لويس أوبيندا من لانس، وتشافي سيمونز من باريس، والذي يتألق بقوة مع بداية الموسم، وبنجامين شيسكو، السلوفيني الملقب بهالاند الجديد.
كما لا يمكن استبعاد أتلتيكو مدريد أبداً من تحقيق المفاجأة والذهاب لأبعد نقطة في دوري الأبطال مع دييجو سيميوني، خصوصاً بعد فضيحة الموسم الماضي وتذيل المجموعة ورغبته بالتعويض، وكل مرة يتم استبعاد الروخيبلانكوس بسبب عدم تجديد الأرجنتيني لطرق لعبه الدفاعية والمملة، تنجح تلك الأساليب بالذات بقيادته لإنجاز أوروبي جديد.
ويعد بورتو قادراً دائماً على لعب دور الحصان الأسود في ظل خبراته وما يملك من لاعبين طيبين أمثال مهدي طاريمي وبيبي، وخظه الجيد دائماً مع القرعة، ومن سيعبر من مجموعة الموت السادسة سيكون ضيفاً ثقيلاً في الدور الثاني، وإن كان الثلاثي ميلان، دورتموند، ونيوكاسل يواجهون متاعب جمة محلياً قد تصعب فرصة تكرار إنجازات الموسم الفائت، وحتى الآن يحيظ الغموض بنابولي رودي جارسيا في ظل صعوبة المهمة لتعويض لوشيانو سباليتي الذي ترك إرثاً كبيراً خلفه، والبداية غير المطمئنة بالدوري قد تشير لموسم غير موفق قارياً، بينما مشاكل مانشستر يونايتد المبكرة المعتادة قد لا تعقد مهمته للعبور رفقة بايرن من المجموعة أمام كوبنهاجن وجلطة سراي، ولكن لن تجعله مرشحاً للذهاب بعيداً وإحياء أمجاد الماضي.